8 أسباب رئيسية تؤدي إلى الإصابة بداء السكري
يعد داء السكري من أبرز الأمراض المزمنة التي تهدد صحة الإنسان على مستوى العالم. على الرغم من أن هذا المرض قد يبدو بسيطًا في البداية، إلا أن تأثيراته الصحية طويلة المدى قد تكون مدمرة إذا لم يتم تشخيصه وعلاجه بشكل صحيح. يتسبب داء السكري في ارتفاع مستويات السكر في الدم، وهو ما قد يؤدي إلى مضاعفات صحية خطيرة مثل أمراض القلب، مشاكل الكلى، ضعف البصر، والأعصاب. في هذا المقال، سيتم استعراض الأسباب الرئيسية التي تؤدي إلى الإصابة بداء السكري، من النوعين الأول والثاني، مع تسليط الضوء على العوامل الوراثية، نمط الحياة، وأسلوب التغذية.
1. العوامل الوراثية والجينات
من العوامل الأساسية التي تساهم في الإصابة بداء السكري هو العامل الوراثي. حيث لوحظ أن الأشخاص الذين لديهم تاريخ عائلي مع مرض السكري يكونون أكثر عرضة للإصابة به. تظهر الدراسات أن الجينات تلعب دورًا كبيرًا في تحديد كيفية استجابة الجسم للأنسولين. فإذا كان أحد الوالدين أو الأقارب من الدرجة الأولى مصابًا بالسكري، تزداد فرص الإصابة بالمرض.
يعتقد الباحثون أن هناك مجموعة من الجينات التي قد تؤثر على كيفية عمل الأنسولين في الجسم، مما يسبب خللًا في إفراز الأنسولين أو تقليل استجابة الخلايا له. ونتيجة لذلك، قد يكون من الصعب الحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن النطاق الطبيعي.
2. السمنة وزيادة الوزن
تعتبر السمنة من أبرز الأسباب التي تساهم في تطور مرض السكري من النوع الثاني. السمنة تؤدي إلى مقاومة الأنسولين، حيث تصبح الخلايا غير قادرة على استخدام الأنسولين بشكل فعال. هذا يعني أن الجسم يحتاج إلى إنتاج المزيد من الأنسولين لمعادلة مستوى السكر في الدم. ولكن مع مرور الوقت، يصبح البنكرياس غير قادر على إنتاج ما يكفي من الأنسولين، مما يؤدي إلى ارتفاع مستوى السكر في الدم وبالتالي الإصابة بالسكري.
تشير الدراسات إلى أن الدهون الزائدة في الجسم، خاصة الدهون الحشوية (الدهون التي تتراكم في منطقة البطن)، تعتبر من العوامل التي تزيد من مقاومة الأنسولين بشكل أكبر. ونتيجة لذلك، فإن الأشخاص الذين يعانون من السمنة المفرطة هم أكثر عرضة للإصابة بالسكري مقارنة بأولئك الذين يحتفظون بوزن صحي.
3. التغذية غير السليمة
تعد التغذية غير المتوازنة من العوامل الرئيسية التي تساهم في زيادة خطر الإصابة بداء السكري. الأطعمة الغنية بالسكريات المكررة، الدهون المشبعة، والأطعمة ذات المؤشر الجلايسيمي المرتفع (التي ترفع مستويات السكر في الدم بسرعة)، تعد من الأسباب التي تؤدي إلى مقاومة الأنسولين. من أمثلة هذه الأطعمة: المشروبات الغازية، المخبوزات المصنوعة من الدقيق الأبيض، الأطعمة السريعة، والوجبات التي تحتوي على كميات كبيرة من الدهون غير الصحية.
عندما يتناول الشخص كميات كبيرة من السكر والكربوهيدرات المكررة بشكل مستمر، قد يتسبب ذلك في ارتفاع مفاجئ لمستويات السكر في الدم، مما يضع عبئًا إضافيًا على البنكرياس الذي يعمل على إفراز الأنسولين لمحاولة معادلة هذه المستويات. مع مرور الوقت، قد يفشل البنكرياس في تلبية هذا الطلب المرتفع، مما يؤدي إلى الإصابة بالسكري.
4. قلة النشاط البدني
النشاط البدني هو عامل آخر يرتبط ارتباطًا وثيقًا بالوقاية من مرض السكري. يساعد ممارسة الرياضة بانتظام على تحسين استجابة الجسم للأنسولين، وبالتالي تقليل مقاومة الأنسولين. كما أن النشاط البدني يساعد في الحفاظ على وزن صحي، مما يقلل من خطر الإصابة بالسمنة ومرض السكري.
الأشخاص الذين يعيشون نمط حياة خامل، مثل الجلوس لفترات طويلة أو عدم ممارسة أي نشاط بدني، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكري من النوع الثاني. تشير الدراسات إلى أن الأشخاص الذين لا يمارسون التمارين الرياضية بانتظام يتعرضون لزيادة الوزن، مما يؤدي إلى زيادة مقاومة الأنسولين، وبالتالي الإصابة بالسكري.
5. التوتر النفسي المزمن
يعتبر التوتر النفسي من العوامل المؤثرة على الصحة العامة بشكل كبير، وأحد الأسباب التي قد تساهم في الإصابة بالسكري. عند التعرض للتوتر المستمر، يفرز الجسم هرمونات مثل الكورتيزول، الذي يمكن أن يرفع مستويات السكر في الدم. وبمرور الوقت، قد تؤدي مستويات الكورتيزول المرتفعة إلى مقاومة الأنسولين، مما يزيد من خطر الإصابة بمرض السكري.
إضافة إلى ذلك، يميل الأشخاص الذين يعانون من مستويات عالية من التوتر إلى تناول الطعام بشكل غير صحي أو الإفراط في تناول الأطعمة التي تحتوي على سكريات ودهون، مما يعزز من خطر الإصابة بالسكري.
6. التقدم في السن
التقدم في السن يعد من العوامل المساهمة في زيادة خطر الإصابة بمرض السكري، خصوصًا النوع الثاني. مع تقدم العمر، يتباطأ معدل الأيض في الجسم، مما يؤدي إلى زيادة الوزن ومقاومة الأنسولين. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن تتدهور قدرة البنكرياس على إفراز الأنسولين بشكل طبيعي مع تقدم العمر، مما يزيد من احتمال الإصابة بمرض السكري.
الأشخاص الذين يتجاوزون سن الـ45 يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكري، خاصة إذا كانوا يعانون من عوامل أخرى مثل السمنة أو نمط حياة خامل. يُنصح بالاهتمام بالصحة البدنية والنظام الغذائي في هذه المرحلة العمرية لتقليل مخاطر الإصابة.
7. الإصابة بأمراض مزمنة أخرى
هناك العديد من الحالات الصحية التي قد تساهم في زيادة خطر الإصابة بمرض السكري. على سبيل المثال، الأشخاص الذين يعانون من ارتفاع ضغط الدم، ارتفاع مستويات الكوليسترول، أو مرض القلب التاجي، يكونون أكثر عرضة للإصابة بالسكري. وقد يكون هذا بسبب تأثير هذه الحالات على الأوعية الدموية والأعضاء المختلفة التي تلعب دورًا في التحكم بمستويات السكر في الدم.
علاوة على ذلك، يمكن أن تزيد بعض الحالات الصحية مثل تكيس المبايض (PCOS) من خطر الإصابة بالسكري. النساء المصابات بتكيس المبايض غالبًا ما يعانين من مقاومة الأنسولين، مما يزيد من احتمال إصابتهن بالسكري من النوع الثاني.
8. التعرض للأدوية والعلاج الطبي
تؤثر بعض الأدوية على مستويات السكر في الدم، وبالتالي قد تزيد من خطر الإصابة بالسكري. على سبيل المثال، الأدوية التي تحتوي على الكورتيكوستيرويدات، والتي تُستخدم في علاج الالتهابات، قد تؤدي إلى زيادة مستويات السكر في الدم. كما أن بعض الأدوية التي تعالج ارتفاع ضغط الدم، مثل حاصرات بيتا، قد تؤثر على قدرة الجسم على تنظيم مستويات السكر في الدم.
علاوة على ذلك، قد تكون بعض العلاجات الطبية التي تساهم في علاج أمراض أخرى، مثل العلاج الكيميائي لمرضى السرطان، سببًا في زيادة مخاطر الإصابة بالسكري.
الخاتمة
في النهاية، داء السكري هو مرض معقد تتداخل فيه العديد من العوامل الجينية والبيئية. من خلال فهم الأسباب الرئيسة التي تؤدي إلى الإصابة بالسكري، يمكن اتخاذ خطوات وقائية لتقليل مخاطر الإصابة بهذا المرض. من الضروري الحفاظ على وزن صحي، ممارسة النشاط البدني، اتباع نظام غذائي متوازن، وتقليل التوتر النفسي للحفاظ على مستويات السكر في الدم ضمن النطاق الطبيعي.
